تأثيرات التكنولوجيا الرديئة ربما تكون أكثر حدّة في العالم الحقيقي (غيتي)
ليس هناك شك في أننا جميعا نعتمد على التكنولوجيا أكثر من أي وقت مضى، لكن ماذا يحدث عندما لا تعمل هذه التقنية؟ هل يمكن أن تكون التقنية السيئة سببا في تعاستنا؟
تقول إيملي دريفوس، وهي كاتبة ومحررة في مركز شورنستين بجامعة هارفارد، إنها استخدمت إستراتيجية قديمة للتعبير عن غضبها من التقنية السيئة وهي الصراخ، وتضيف أنه “عندما يكون لديك جهاز غير واع ومزعج في منزلك، ولا يفعل ما تريد حتى لو تحدثت معه بأجمل العبارات، فإن هذا يسبب الضغط”.
إحباطات تقنية مثل هذه حدثت لنا جميعا، فمثلا شبكة الإنترنت الخاصة بك تنقطع دائما، كلمات السر الخاصة بك لا تعمل، يتعطل الحاسب المحمول، وتفقد كل ما كنت تعمل عليه. مجرد القراءة عن هذه الاحتمالات قد تكون كافية لرفع ضغط الدم.
يمكن للتكنولوجيا أن تدمر حالتنا الذهنية، والأبحاث الجديدة توضح ذلك، فقد وضع عملاق صناعة الحاسبات “ديل” (Dell) بالتعاون مع شركة علم الأعصاب “إموتيف” (EMOTIV)، مجموعة من المشاركين في مواجهة تجارب تقنية سيئة، ثم تم رصد موجاتهم الدماغية من أجل قياس ردود أفعالهم.
واجه الأشخاص موضع الاختبار مشكلة في تسجيل الدخول، أو اضطروا إلى العمل على تطبيقات بطيئة، أو شاهدوا جداول البيانات الخاصة بهم تتعطل.
وقال رئيس شركة إموتيف، أوليفييه أوليير، “في اللحظة التي بدأ فيها الناس باستخدام التكنولوجيا السيئة، شهدنا تضاعف مستويات التوتر لديهم، لقد فوجئت قليلا بذلك، لأنك نادرا ما ترى تلك المستويات ترتفع إلى هذا الحد”.
وأضاف أوليير أن “الإجهاد التكنولوجي كان له تأثير دائم، فالناس لايعودون مرة أخرى إلى الهدوء بسرعة. فذلك يستغرق وقتا طويلا”.
ويؤثر الإحباط المستمر بسبب التكنولوجيا السيئة في كيفية تعامل الموظفين مع أعباء العمل اليومية، خاصة الأصغر سنا. ونتيجة ذلك، رصد المشرفون على الدراسة انخفاضا في الإنتاجية بنسبة 30% لدى المشاركين من الجيل “زد” (Z) (وهو الجيل الذي يلي جيل الألفية)، و”ميلينال” (Millennial) أو جيل الألفية (وهم الأشخاص الذين ولدوا بين منتصف الثمانينيات ومنتصف التسعينيات).
وقالت سيلي منتغومري التي تقود مبادرات تجربة العملاء لشركة ديل “تؤثر التجارب السيئة فيك بغض النظر عن معرفة الحاسوب، لكن يبدو أن الشباب أكثر تأثرا، لأنهم يتوقعون أن تعمل التكنولوجيا”.
ومن النتائج الصادمة للتجربة تأكيدها أن تأثيرات التكنولوجيا الرديئة ربما تكون أكثر حدّة في العالم الحقيقي، لسببين:
أولا: معرفة الأشخاص الخاضعين للتجارب أنهم يخضعون للاختبار، مما حدّ على الأرجح من إحباطهم.
ثانيا: في أثناء هذه السنة الوبائية تكون مستويات الإجهاد الأساسية لدينا مرتفعة، ومن ثم فإن الضغط يتضاعف بسبب التكنولوجيا السيئة.
فبيئة العمل عن بعد تساهم في زيادة نسبة التوتر بسبب التقنية الرديئة، وقد تحصل على دعم من متخصص تكنولوجيا المعلومات لمساعدتك على استكشاف المشكلات التقنية وإصلاحها. ولكنك تكون بمفردك غالبا مما يزيد من توترك.
يقول أوليير إن “أجهزة الحاسوب وأنظمة التشغيل لدينا في الوقت الحالي تعدّ نوافذنا الوحيدة على العالم، فعندما تكون عالقا في المنزل وكل ما لديك هو جهاز حاسوب مقدم من صاحب العمل، فقد لا تتمكن من الوصول إلى الدعم الفني. وهذا هو السبب في أنه من المهم جدا عندما تكون بعيدا أن يكون لديك تقنية تعمل جيدا”.
لذلك ينبغي أن تكون الشركات أكثر وعيا بالتأثير العاطفي للتجهيزات التقنية السيئة، والضرر الذي قد يلحق بالإنتاجية. وقد يتطلب ذلك مزيدا من الاستثمار سلفا، وترقيات لمعدات العمل من المنزل، ودعما تقنيا مستمرا.
وإذا قامت الشركات بكل ذلك، فقد تشهد زيادة مفاجئة في الأرباح، وسيكون المستخدمون سعداء.